سورة الحشر - تفسير تفسير القشيري

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الحشر)


        


قوله جل ذكره: {وَالَّذِينَ تَبَوَّءُو الدَّارَ وَالإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلاَ يَجِدُونَ فِى صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ}.
نزلت هذه الآية في الأنصار. {تَبَوَّءُو الدَّارَ} أي سكنوا المدينة قبل المهاجرين.. {يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ} من أهل مكة.
{وَلاَ يَجِدُونَ فِى صُدُورِهِمْ حَاجَةً} مما خُصِّصَ به المهاجرون من الفيء، ولا يحسدونهم على ذلك، ولا يَعْترِضون بقلوبهم على حُكْمِ الله بتخصيص المهاجرين، حتى لو كانت بهم حاجةٌ أو اختلالُ أحوالٍ.
{وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}.
قيل نزلت الآية في رجلٍ منهم أُهْدِيَتْ له رأسُ شاةٍ فطاف على سبعة أبيات حتى انتهى إلى الأول.
وقيل نزلت في رجلٍ منهم نزل به ضيفٌ فقرَّب منه الطعامَ وأطفأ السراجَ ليُوهِمَ ضيفَه أنه يأكل، حتى يؤثِرَ به الضيفَ عَلَى نفسه وعَلَى عياله، فأنزل الله الآية في شأنه.
ويقال: الكريمُ مَنْ بنى الدار لضيفانه وإخوانه (واللئيمُ من بناها لنفسه).
وقيل: لم يقل اللهُ: ومَنْ يَتَّقِ شحَّ نفسه بل قال: {وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ}.
ويقال: صاحبُ الإيثارِ يُؤْثر الشبعانَ على نفسه- وهو جائع.
ويقال: مَنْ مَيَّزَ بين شخصٍ وشخصٍ فليس بصاحبِ إيثارٍ حتى يؤثِرَ الجميع دون تمييز.
ويقال: الإيثار أنْ تَرَى أنَّ ما بأيدي الناسِ لهم، وأن ما يحصل في يدك ليس إلا كالوديعة والأمانة عندك تنتظر الإذنَ فيها.
ويقال: مَنْ رَاى لنفسه مِلْكاً فليس من أهل الإيثار.
ويقال: العابدُ يؤثِر بدنياه غيرَه، والعارفُ يؤثِر بالجنة غيرَه.
وعزيزٌ مَنْ لا يطلبُ مِنَ الحقِّ لنَفْسِه شيئاً: لا في الدنيا من جاهٍ أو مالٍ، ولا في الجنَّة من الأفضال، ولا منه أيضاً ذَرَّةً من الإقبال والوصال وغير ذلك من الأحوال.
وهكذا وصفُ الفقير؛ يكون بسقوطِ كلِّ أرَبٍ.
قوله جل ذكره: {وَالَّذِينَ جَآءُو مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَآ اغْفِر لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بالإيمَانِ وَلاَ تَجْعَلْ فِى قُلُوبِنَا غِلاًّ لِّلَّذِينَ ءَامَنُواْ رَبَّنَآ إِنَّكَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ}.
أي والذين هاجروا من بعدهم، ثم أجيالُ المؤمنين من بعد هؤلاء إلى يوم القيامة. كلهُم يَتَرَحَّمون على السلف من المؤمنين الذين سبقوهم، ويسلكون طريقَ الشفقة على جميع المسلمين، ويستغفرون لهم، ويستجيرون من الله أن يجعلَ لأحدٍ من المسلمين في قلوبهم غِلاًّ أي حِقْداً. ومَنْ لا شفقةَ له على جيمع المسلمين فليس له نصيبٌ من الدَّين.


قوله جل ذكره: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا يَقُولُونَ لإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلاَ نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَداً أَبَداً وَإِن قُوتِلْتُمْ لَنَنصُرَنَّكُمْ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ}.
يريد بهم منافقي المدينة؛ ظاهروا بني النضير وقريظة، وعاهَدوهم على الموافقة بكلِّ وَجْهٍ، فأخبر اللَّهُ- سبحانه- أنهم ليسوا كما قالوا وعاهدوا عليه، وأخبرَ أَنَّهم لا يتناصرون، وأنَّهم يتخاذلون، ولئنْ ساعدوهم في بعضِ الحروب فإنهم يتخاذلون إن رأوهم ينهزمون أمام مَنْ يجاهدونهم.


قوله جل ذكره: {لأَنتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِى صُدُرِهِمِ مِّنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَفْقَهُونَ}.
أخبر- سبحانه- أن المسلمين أشدُّ رهبةً في صدورهم من الله، وذلك لِقلَّةِ يقينهم، وإعراضِ قلوبِهم عن الله.
قوله جلّ ذكره: {لاَ يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعاً إِلاَّ فِى قُرًى مُّحَصَّنَةٍ أَوْ مِن وَرَآءِ جُدُرِ بَأْسُهُم بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ}.
أخبر أنهم لا يجسرون على مقاتلة المسلمين إلاَّ مُخاتلةً، أو من وراء جدرانٍ. وإنما يشتدُّ بأسُهم فيما بينهم، أي إذا حارب بعضهم بعضاً، فأمَّا معكم.. فلا.
{تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذَلِكَ بَِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْقِلُونَ}.
اجتماعُ النفوس- مع تنافرُ القلوب واختلافها- أصلُ كلَّ فساد، وموجِبُ كُلِّ تخاذُل، ومقتضى تجاسُرِ العدوِّ.
واتفاقُ القلوبِ؛ والاشتراكُ في الهِمَّةِ؛ والتساوي في القَصْدِ يُوجِبُ كُلَّ ظَفَرٍ وكلَّ سعادة , ولا يكون ذلك للأعداء قطّ؛ فليس فيهم إلا اختلالُ كلِّ حالٍ، وانتقاضُ كلِّ شَمْلٍ.
قوله جلّ ذكره: {كَمَثَلِ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ قَرِيباً ذَاقُواْ وَبَالَ أَمْرِهِم وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}.
مَثَلُ بني قُرَظة كمثل بني النضير؛ ذاق النضير وَبال أَمرِهم قبل قريضة بِسَنَةٍ؛ وذاق قريظة بعْدَهم وبال أمرهم.

1 | 2 | 3 | 4 | 5